2013-01-01

في حضرة جلالك

الكتابه عن حاضر الوطن دائماً ما تصيبني بالاحباط .. 
أما الماضي فهو غالبا ً يرتبط بالحنين إليه وباجترار انجازاته وبطولاته .. 
قال أحد الأصدقاء مرةً أن الحنين إلى الماضي ليس حكراً على أمتنا أو حقبتنا التاريخيه ، فهناك دوماً على الرغم اختلاف الحضارات والازمان من يظن أن الماضي هو الأفضل .
غالباً ما نلجأ للذكريات وتلك الاجترارات عندما نصطدم بالحاضر وعثراته والفشل الملازم لأمتنا منذ ما يقارب ربع القرن ، بل احسبه يمتد الى ما قبل ذلك .. 
عندما تجالس أحد أقاربك أو معارفك من الجيل الذي سبقك ، لابد أن يمتد الحديث بشكل أو بآخر إلى نوع من المقارنه بين الحاضر والماضي مع التلميح او الاشاره بشكل مباشر إلى أن ما مضى بكل جماله لن يتكرر ، وأن مافقدناه من قيم ومباديء وحتى اسلوب الحياة لن يأتي أفضل منه.
أحياناً اشعر أن ولعنا بالماضي به أكثر من مجرد ذكريات . الماضي لدينا اكبر من عربة تويوتا موديل 1978 لازلنا نجزم انها افضل من موديل 2012 .
ارتبط الماضي في أذهاننا بالبطولات التاريخيه التي تصل أحياناً في بعض الروايات لدرجة أن تصبح أساطيراً .
فيما يرتبط بتاريخنا الحديث ، نذكر وبكثير من الفخر جميع بطولات وأبطال الثورة المهديه ، جسارتهم في مواجهة الحكم التركي ، ومن بعده الحكم الثنائي ، ثم جميع أبطال وشهداء حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار ، ومن بعدهم ذلك الجيل الذي صنع الاستقلال الذي نحتفل بذكراه اليوم .
نذكر أيضا رجالا ونساءاً كانت لهم أدوار لا يمكن تناسيها في مجالات الحياة المختلفه غيّرتْ بشكل جذري في مسار الاجيال التي تلت ، يضيق المجال عن ذكرهم هنا ، في التعليم والصحة والاقتصاد والرياضة والاجتماع والعلوم وغيرها ، كانوا رواداً ورائدات في تلك المجالات ، عانوا الكثير في مواجهة القيم المجتمعيه التي قاومت كل تغيير وإن كان ايجابيا في ذلك الزمان.
ثم بدأت بعد ذلك سلسلة الخيبات والاحباطات بعد أن استلمنا مقاليد الحكم لوطننا الحبيب ، انشغلنا بالصراعات فيما بيننا ونسينا او تناسينا وطناً يتأوه تحت نيران تلك الصراعات ، تاه الوطن كما نعرفه ونقرأ عنه ، تاه معنى وأرضاً وساكنين ، تاه بين طالبي الثروه وحالمي المناصب والكراسي ، تاه بين بندقيةٍ حاولت امتهان السياسه وبين نُخبٍ ومثقفين فشلوا في القيادة ، تاه حتى استيقظ ذات يوم ليجد نصفه الأسفل مبتوراً ، وبقية اعضائه تتآكلها القبلية والعنصرية والاستعلاء بكل أشكاله ، وتتغذى من التهميش وضعف التنميه وسوء توزيع الموارد. 
هذا هو الوطن الذي ورثناه اليوم ، الذي قدر لنا أن نعاني معه ويلات الحروب والدكتاتوريات المتلاحقه ، قدر لنا أن نكون من ضمن ابنائه في المنافي الاختياريه والاجباريه في نفس الوقت ، أن نكابد وأهلينا صعوبة العيش وتوفير الغذاء والدواء ، أوليست هذه السقطات سببا كافيا لاجترار الماضي الجميل وتخدير عقولنا به ؟.  
ولكن وعلى صعيد آخر ربما قدر لنا أن نكون الجيل الذي يحمل تطلعات هذا البلد وحقه في الحياة من جديد ، أن نكون الأيدي التي تبني ما هدمته السنون العجاف التي فرضت علينا قسراً ، أن نعود من منافينا متسلحين بالعلم والعزيمه لبناء حاضر قوي يكون أساساً متيناً لمستقبل أكثر إشراقاً ووعداً ، مستقبلٍ يغني الجيل الذي يحياه من اجترار الماضي لأنه سيكون أجمل من كل ماضٍ تليد . 
حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي 
وطن شامخ وطن عاتي 
وطن خيّر ديمقراطي
وطن حدادي مدادي 
مابنبنيهو فرّادي 
وطن بالفيهو نتساوى 
نحلم نقرا نتداوى
مساكن كهربا ومويه 
تحتنا الظلمه تتهاوى 
كل عام والوطن وانتم بخير .. 



6 comments:

  1. قد نكون هذا الجيل انشألله بعد ان كنا شهودا على تمزيقه سنبنبه تارة أخرئ

    ReplyDelete
  2. كل عام والوطن بخير . خير يجد فيه كل ذي حق حقه بعيدا عن اختلاف سحنته ولسانه وعقيدته . خير يجد فيه الفقير ما يسد رمقه ويجد فيه السقيم ما يزيل المه .
    سبع وخمسين عاما انقضت منذ الاستقلال ماذا انجزنا فيها ؟!!!! جهل وفقر ومرض وجوع . هذا ما تبقى منا .
    نعم هذه الحكومة لها نصيب الاسد في ما وصلنا اليه ولكن سابقاتها كان لهم دور في ما صار اليه حال البلد .
    في اعتقادي ان الاستقلال جاء مبكرا وفي غير اوانه . كنا نحتاج وقت اطول لنتعلم فيه حب الوطن والخوف عليه وتعلم كيفية بنايته والنهوض به والمحافظة عليه , انا لا انكر فضل رواد الاستقلال ولكن حرى بهم ان يتريثوا ولو قليلا , بعد ان جاء الاستقلال ورحل المستعمر ماذا فعلنا بالوطن ؟!!! تعاقبت حكومة تلو اخرى وما تركه المستعمر بدا ينفذ شيئا فشيئا الى ان جاء هؤلاء فتفننوا في الفساد والافساد .
    دائما ما يتبادر الى ذهني سؤال : لماذا تمت ازالة نصبي غردون وكتشنر التذكارية ؟ هل بهذا نمحى تاريخنا ام انهم كانوا يعتقدون انها اوثان يجب تحطيمها ؟!!!!! هل بهذا سنمحي التاريخ وكان الاستعمار لم يكن؟ .
    من ينظر الى تاريخنا منذ الاستقلال يرى اننا لم نتقدم قيد انملة , نعم انشغلنا بخلافات ادت بنا الى هاوية الانقاذ .
    جل ما نحتاجه ان نعرف ما هي الوطنية (التي نجدها في شيئين السينما الوطنية وعماري الوطنية وحديثا بترول الوطنية) . ماذا تبقى لنا لنخاف عليه ؟ وطن ضاع وانشطر وما زال يتهاوى بل ينازع الا ان يتغمده الله بواسع رحمته .
    ما ارجوه ان ياتي يوم نغني فيه:
    اليوم نرفع راية استقلالنا
    ويسطر التاريخ مولد شعبنا.

    مولد شعب يستطيع ان ينهض بوطنه . شعب ينبذ كل الخلافات والاختلافات . شعب يردد : وطنا الباسمك كتبنا ورطنا

    ReplyDelete
  3. عوض
    نعم بإذن الله حنبنيهو

    ReplyDelete
  4. Anonymous
    كلمات ليست كالكلمات
    كما حطمت طالبان تماثيل بوذا تم تحطيم تماثيل كتشنر وغردون

    ReplyDelete
  5. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete

Feel Free To Write Your Response..